أسباب أنحدار نوكيا من وجهة نظرى

” اللى ميشوفش من الغربال يبقى أعمى “

طبعا دة مثل مصرى قديم جدا جدا قدم التاريخ ذاته ، وكلنا عارفيين معناه كويس جدا ، نوكيا للأسف مستمرة فى الأنحدار الرهيب للأسفل ، النوكيا الشركة الوحيدة اللى وصلت فى العالم لحوالى 80% من حصة سوق الهواتف فى العالم أصبحت الأن حصتها 24% فقط !! ومازالت مستمرة فى الهبوط بشكل مريع.

النهاردة هحاول أتكلم بشكل موضوعى عن أسباب فشل الشركة (اللى كانت عظيمة ) وسبب أستمرارها فى الوقوع ، يكفى ان تعلموا أنى كنت واحد من أكبر مؤيدى نوكيا حتى عام 2007 وتحديدا نهايته ودة تاريخ شرائى لأخر هاتف نوكيا فى حياتى وهو Nokia N82 أفضل هاتف وقتها ، وأستمريت فى دعم نوكيا حتى عام 2009 فوقتها ( أيام شراء الهاتف ) كان جل مطالبى من الهواتف عموما هو تليفون ، أم بى ثرى ، مساحة كبيرة نوعا ما ( 8 جيجا كانت حدوته وقتها ويوم مارقيت من 4 جيجا ل 8 جيجا كنت بقول أيه العظمة دى ) وأيضا أتطلب فى الهاتف أنه يتحط عليه بعض الألعاب لتسلية الوقت.

النوكيا N82 كان مرسوم بدقة على مطالبى وقتها وفعلا أشتريته بدون تردد ، لكن اللعبة أتغيرت ونوكيا مغيرتش من نفسها ، كان أول مطب وقعت فيه نوكيا هو الأيفون من شركة أبل ، سواء كرهته او حبيته متقدرش تنكر أنه حط خطوط عريضة للهواتف التاتش حاليا على الرغم من وقوعه فى نمطيه بطئ التطوير اللى نوكيا وقعت فيها من زمان ولكن الهاتف فعلا كان بيدى تجربة جديدة للناس اللى جربته ، وبغض النظر عن العيوب الفتاكة اللى فى الهاتف ( مش موضوعنا ) الأ أن دة فعلا كان أول مطب لنوكيا.

تانى مطب لنوكيا كان الأندرويد اللى على الرغم من حداثة عمره بالنسبة للمستهلك الأ انه أثبت جدارة رهيبة وسهولة شديدة فى التعامل مع الهواتف التاتش وأيضا أنفتاحه وسهولة تعديله كانت من أبرز الأسباب اللى أدت إلى أنتشاره ، وهو المنصة اللى أتاحت للمستخدمين التمتع بواجهة أستخدام رائعة مع دعم مستمر من المطوريين وبرامج لا حصر لها بالأضافة إلى تلافى تحكمات أبل الغريبة فى التليفونات زى موضوع البلوتوث ( برضة مش موضوعنا ).

ثالث مطب بالنسبة لنوكيا كان أتجاه معظم الشركات للأنتاج إلى جوجل وأستخدام نظام أندرويد كواجهة لهواتفهم وأعتمادهم على تطوير الهاردوير فقط وأستخدام السوفتوير من جوجل جاهز مع أضافة بعض الواجهات الخاصة بهم مثل Samsung TouchWIZ وأيضا HTC Sense على سبيل المثال ، الواجهات دى مع الندرويد أتاحت تخصيص رهيب للأندرويد وأتاحت سهولة أستخدامه ، وسواء حبتها او كرهتها فهى فعلا موجهة للمستخدم النهائى وبتسهل الأمور جدا ، بعكس السمبيان فى نوكيا اللى كان التعقيد فيه وصل لذروته.

موقف مضحك جدا حصل لى فى الفترة الحالية ، حيث ان واحد معرفة أشترى Nokia N8 الهاتف المقلب ( حديث موضوع أخر ) وحب أنه يعمل حاجة بسيطة زى أنه يغير باسورد الراوتر الوايرلس والدخول على الواى فاى مرة أخرى ولكن هاتفه لم يقبل !! السبب ان السمبيان بذكاءه الرهيب لو سجلت أى أكسس بوينت مرتين بأسمين مختلفيين أو بباسورديين مختلفيين مش هيقدر يعمل كونكت عليهم !! طبعا الحل هو أنك تدخل تمسح الأكسس بوينت التانية وتعمل كونكت من جديد ، المهم كل دة مع الراجل المعرفة دة على التليفون وبشرحله الحل لحد ما قاللى جملة خلتنى أقدر قد أيه السمبيان فعلا نظام معقد بطريقة مزعجة للمستخدميين العاديين ، قاللى : أيه وجع القلب دة !!

فقدان أى شركة لأيمان مستهلكيها فيها هو أكبر خطأ ممكن تقع فيه ، أتفرج على أبل مثلا ، مهما نفخت مستخدمينها تلاقى ولائهم ليها كبير ، وفعلا دة شئ أحترم أبل فيه جدا جدا ، أنك تقدر تغسل مخ اللى قدامك وتفهمه أن كدة صح يبقى أنت عقلية تسويقية فذة وجديرة بالأحترام ، لكن نوكيا قاعدة فى التراوة ومكبرة دماغها جدا ومعتمده على قاعدة مستخدمينها العريضة جدا ( وقتها ) وأنها بتبيع بالملايين ومش محتاجة أنها توجع قلبها.

رابع مطب هو محاولة مايكروسوفت أنها تلحق اى جزء من التورتة الخاصة بالهواتف الذكية فى محاولة منها أنها تحصل على مجدها القديم أيام Windows Mobile وأيام Windows CE عن طريق أنتاج نظام شبة جديد ( حديث أخر ) يعتمد على التاتش مع واجهة أستخدام بسيطة جدا ( زيادة عن اللزوم بالنسبة لى ) ، وبالتالى توجهت الشركات مرة أخرى للأنتاج لهم ولكن بنسب أقل من الأندرويد بكتير لأن مايكروسوفت لها تحكمات غريبة جدا بالأضافة إلى سوقها اللى لم يتعدى ال 9% حتى الأن من سوق الولايات المتحدة فى الهواتف مع ان الرقم دة لعوب شوية لأنه يتضمن الهواتف اللى شغالة بويندوز موبايل القديم واللى لحد دلوقتى مفيش أى أحصائية عن أرقام ويندوز فون الجديد أبدا ، ولكن فى النهاية الشركة بتحاول وبتدعم المنصة بتاعتها بيد من حديد ، بعكس نوكيا خخخخخخخخخخخخخخ زززززززززززززز ههه مين ؟؟

المطب الخامس نوكيا هى البطلة بتاعته أخراج وتمثيل وسيناريو وحوار ، لما طلعت تصريحات انها شركة منتجة للهواتف كاملة ومش محتاجة شركة تانية تنتج لها السوفتوير وهى مش محتاجة أندرويد ولابطيخ ( على حد تعبيرهم وقتها ) وأنها بتعتمد على السمبيان وأنه هتنزل نسخة جديدة منه قريبا هتكتسح و و و ألخ ألخ.

نزل لنا السمبيان الجديد Symbian S^3 اللى نوكيا كانت فرحانه بيه ، وفعلا السيتسم كان كويس جدا جدا جدا جدا بالنسبة للعقيم جدا Symbian 5th Edition الخاص بنوكيا Nokia 5800 ولكن هيهات ، أذا قارنته بأى سيستم سواء كان من أبل أو جوجل أو حتى مايكروسوفت فأن فشله ذريعا ، والسبب ان نظام السمبيان أصلا لم يطور من البداية للتاتش أساسا ، ولكن خلوه متوافق مع التاتش بعد كدة ، فتلاقى مثلا أنك لازم علشان تفتح ال Communication Menu لازم تلمس شعار الشبكة اللى هو أساسا رفيع جدا وبهتان كدة وأنت وحظك بقى ، دة بالأضافة إلى العديد من العيوب اللى مفكروش يتلافوها فيه.

المطب السادس ، الوعود الوهمية من نوكيا ، وعدت نوكيا بأنها تنزل سيستم جديد كليا موجهة للهواتف التاتش وفعلا قامت بدعمه وتويره وهو Maemo 5 ولكن لم تنتجه الأ فى Nokia N900 على الرغم من مدح النظام من الناس ، وبعده نزلت أشاعات كتيرة جدا جدا عن نظام الميجو MeeGo اللى طوروه فى تعاون مشترك مابين أنتل ونوكيا وأنضم ليهم عدة شركات بعد كدة ، وفجأة نوكيا تخلت عن النظام !!! ليه ؟؟ لأنها بتقول انه محتاج نظام Eco System من جديد وهى مش هتقدر تبنيه من البداية بسبب قلة الوقت وأنها محتاجه ترجع تنافس من جديد !!! هل كل السنيين اللى ضيعتوها دى خلتكم فى الأخر تقولوا مفيش وقت ، طيب خلينا معاكى.

المطب الأخير وهو أتجاه الشركة حاليا لنظام Windows Phone من مايكروسوفت !!! على الرغم من حجتها بأنها مش محتاجة شركة سوفتوير الأ أنها فى النهاية أستسلمت للأمر الواقع وأنها غير قادرة على مواكبة التطور السريع فى عالم الهواتف ، فعقد شراكة مع مايكروسوفت أنها تنتج هاردوير ومايكروسوفت تراعاها بالسوفتوير ، وفى الأتفاق دة نفع للشركتين  فمايكروسوفت حصتها فى الأرض بسبب ضعف أنتاجها ونوكيا حصتها بتقل بسرعة بسبب ضعف السوفتوير عندها ، أضف غزارة انتاج نوكيا مع سوفتوير جيد بمقاييس أيامننا هذه تحصل على منصة جيدة المفروض الأيام جدوى الفكرة من عدمها.

نوكيا طورت نظام جديد مبنى على السمبيان برضة ( أه يا دماغى ) وسمته Symbian Anna وكان التغيير فيه مذهل ، غيروا الأيقونات ! وحطوا أخيرا Portrait Keyboard وحطوا متصفح جديد ، ولكن باقى السيستم كما هو ، الأيقونات الجديدة أعتقد السابقة أفضل منها  ودى مسألة أذواق ، والكيبورد زرايرها رفيعة جدا جدا وصعب تستخدمها ، وأخيرا مش هتكلم عن المتصفح اللى هو المفروض أفضل من القديم ولكن لا تعليق.

نوكيا مشكلتها كانت فى التكرار والملل ، مثلا قارن Nokia N82 وبين Nokia N95 هتلاقى الأتنين هواتف متطابقة تماما بأستثناء ان واحد سلايدر والتانى كاندى بار ، وهكذا قارن كل هواتف نوكيا الحديثة هتلاقى نفس البروسيسور ونفس الرام ونفس الكاميرات الفيكسد فوكس Fixed Focus ونفس ونفس ، أيه المانع من التجديد يا نوكيا ؟؟

دعم السمبيان للريزولوشن العالى صفر ، ودة طبعا أدى إلى أنهم مش قادريين يغيروا الشاشات وهتلاقى الشاشة هنا هى هنا ونفس التليفون فى الأخر ، بالأضافة إلى ان ريزولوشن أعلى بيساوى ضغط اكبر على العتاد وهيحتاجوا عتاد أو بروسيسورات ورام أعلى يبقى خلينا فى الريزولوشن التعبان بتاعنا.

الكلام هنا عن التليفونات الهاى أند اللى بتدخل أرباح سريعة للشركة ، وليس التليفونات البدائية ، فأذا كنت بتشترى تليفون بكذا ألف جنية فمن حقك يكون هاردوير كويس ، لكن لما أشترى ال N8 مثلا بسعر أربع الألأف بواكى ونصف أول مانزل يبقى عيب جدا ان التليفون البروسيسور بتاعه 600 ميجاهرتز ومعموله أوفركلوك ل 680 ميجاهرتز ، وعيب جدا ان الرام بتاعه 256 ميجاهرتز ، فى حين انك وقتها كان ممكن تشترى تليفون سامسونج جالاكسى أس بأمكانيات مذهلة.

هيعلل المخدوعيين الكلام بأن نظام السمبيان أقتصادى وخفيف جدا على الهاردوير ومش محتاج هاردوير عالى ، طيب ردى عليك فى نقطتين ، أولا : ليه كل الأجهزة السمبيان بطيئة ؟؟ مش السيستم خفيف ومش محتاج ؟؟ طب ليه أجهزته بطيئة ؟؟ ، ثانيا : طالما أنت بتدفع فلوس كتير ليه متاخدش هاردوير بالتمن دة ؟؟ ولا هو فلوس وخلاص لمجرد أنك تحس انك فى البيت مع نوكيا ( اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفهوش ) !

من ضمن المصايب اللى بتواجه نوكيا حاليا أنها مش عارفه تجذب ليها المطورييين علشان ينتجوا لها العاب ، أو برامج ، بسبب أعتمادهم على السمبيان الرهيب ولغات برمجته العتيقة ، وعلى الرغم من أدخالهم ال Qt الأ أنهم كانوا أول ناس تهجر البلاتفورم دة ، ودلوقتى مع بداية العد الزمنى لعمر السمبيان عمر ماحد هيفكر يطور له على الرغم من اعلان نوكيا دعمها له لحد عام 2016 الأ ان دة مش هيخلى مطور يستثمر فلوسه ووقته ومجهوده فى بلاتفورم واقع.

عند نوكيا وكبريائها الرهيب هو اللى وصلها للوضع الحالى ، أذا كانت أتبنت الأندرويد من البداية كان زمانها دلوقتى عاملة شغل رهيب فعلا ، ولكن ….
المضحك برضة الخبر اللى قريته من حوالى شهر ان نوكيا سرحت كام الأف موظف من مطوريين السمبيان وأتبقى لديها فقط أحد عشر ألف موظف !!! يانهار ملون !! لو عرفتوا مطوريين الأندروييد الأساسيين اللى تحت أبد تيم روبينز هتتخضوا ، أنا فعلا أتكسف أقول الرقم ، ولكن يكفى تعرفوا أنهم ولايكملوا ربع ولا ثمن الرقم دة ، ومع ذلك أتفرج على أمكانيات الأندرويد اللى بتتوسع كل يوم.

نوكيا كويسة جدا فى خامات انتاج هواتفها ، وجيدة فى ال Navigation بل هى أفضل نافيجيشن فى العالم ، وجيدة فى أنتاج كاميرات فى الهواتف ، بمعنى أخر نوكيا جيدة جدا فى انتاج الهاردوير وأتمنى انها تنجح مع ويندوز فون من كل قلبى لأن المنافسة كويسة جدا وهى اللى بتخلى الشركات تطلع أفضل ماعندها علضشان يستفيد المستهلك فى النهاية.

أتمنى من الناس اللى شايله نوكيا تجرب أندرويد أو أيفون مثلا وتشوف الفرق ، عمرك ماهتلاحظ قد أيه نوكيا متأخرة جدا ألا لما تجرب الفرق ، كل الناس اللى غيرت النوكيا أتصدمت حرفيا لما شافت الأندرويد مثلا.
أتمنى لنوكيا التوفيق أنا لا أكرههم ولا أحبهم فى نفس الوقت ، ولكن أتمنى أنهم ينجحوا ، منافسة اكتر يعنى المصلحة تصب فى أتجاة المستهلك.
صدعتكم معايا والمقال كان طويل ولكن أنا اختصرته على قد ماقدرت ، أشكركم.